يصعب البدء بالحكاية ، و يستعي على وجدان أن يبقيها في حناياه ،
فهي كزجاج مطحون ، لا يُهضم و لا خلاص منه ، يؤلم في كل نفس و كل حركة.
هي من سلالة عالم الشياطين ،ضمير فاسد ، أنفاس متعفنة ، و قلب متقيح ،
كانت أذكى من تعلم على يد الشيطان ، فتشربت من أمور الفسق و الدمار ما يكفيها .
كانت الفتاة الأولى بعد خمسة ذكور لأبوين صالحين ، فبحضورها زاد البيت وهجا ،
و من بين السبعة أقمار ظهرت الشمس التي طالما تمنوها أن تشرق على حالك أيامهم فأسموها نورا،
و كانت بالفعل نورا على جمال وجهها، فدأب الأب و الأم و الأخوان الخمسة على تدليلها و غرس أسمى آيات الحب و الاخلاص و الايمان في نفسها ،
فكانت كالأرض البور تستقبل البذر و تذر الرمال في أعين الغارسين ،
و لكن كل ذلك مشفوع لها لاعتقادهم بأنها ما زالت صغيرة ،
و ستبقى صغيرة أبد الدهر ، لكن الفتاة كبرت و نضجت و أصبحت مبتغى من يراها من الشباب فتقدموا لها حتى وقع اختيارها على أصحاب الجاه و النسب الرفيع ،
فعقد قرانها على ابن المختار ، الفتى عبد الله ،
المالك لمساحات واسعة من الأراضي و العقارات ،
و استمرت الشيطانة في غيها على ظهور من حولها ، و الزلل لها مغفور .
و مرت الأيام و امتلأ بطنها ، ووضعت التوأم عمر و عامر ، سبحان الله فيما خلق ،
انتشت بهما حتى أن أخلاقها كانت تسمو أكثر ،
و لكن من قال أن السعادة تزهر دون أشواك تؤلم .....فرُفع انذار الحرب ،
و أُعلن الحصار على الغذاء ، و شح الطعام حتى أبح لا يملأ نصف المعدة ،
فهزلت الأجساد و شحبت الوجوه ، و تزاحمت الأرواح على أبواب السماء ،
و لكن السيدة نور ما زالت مزدهرة و هي ترى روحها و قلبها يكبران أمام ناظريها.
و لولا أن دوام الحال من المحال ، لما تعاقبت الفصول ،
و كما يقع الشلل و تحدث الفضيحة ، انقض الموت على عمار و ما تركه الا و هو قطعة لحم لا حياة فيها ،
عيون مسبلة و أعضاء مسترخية ، لم تصدق نور ، لم تحاول أن تصدق ،
ثارت بها كل النوازع الشريرة ، في كل زفير ألقت حمم ،
و في كل شهيق امتلأت بالرماد .
غضبت بجنون ، كيف يجرؤ الموت ، كيف غافلها ، كيف مر عليها دون أن تراه ،
وما بال أهلها واجمين يكسوهم الحزن ،
ما بالهم يسلمون للموت ويقدسونه حتى أصبح حقيقة خالدة ،
فالموت من صنع عجزهم ، و البقاء من صنع من هم مثلها ،
ستقف في وجه الموت و تتحداه ، فهو من الآن عدوها اللدود ،
و ستقف له كالند للند .
و هكذا وصلت نور لما كان ينقصها ليكتمل شيطانها و هو الالحاد ،
فقد كفرت بالله ، و بارادته ، و برحمته ،
و سعت لتحقيق البقاء لها و لشقها الثاني عمر ،
فكان لزاما عليها توفير الزاد لها و له ، و هذا أول بند من بنود البقاء .
و لكن ما المانع ؟؟؟ المانع واضح يكمن في ثمانية أفواه و ثمانية أجساد تشارك في اكسير البقاء ،
فما كان منها الا اغلاق أفواههم و دحر الروح من الأجساد،
و امتلأت جوانحها بهذه الفكرة الجهنمية حتى كادت أن تنفجر منها جوانبها ،
و مضت تصنع خطواتها و ترتب أفكارها يساعدها الشيطان و يباركها عزرائيل ،
حتى حانت لحظة الصفر .
صنعت لهم العشاء ، و بابتسامة بوهيمية قالت :-
تفضلوا بالهناء و الشفاء .
ثم أمسكت بعمر لترضعه ، فحليبها غير مسموم ،
تناولوا العشاء و جلسوا يتسامرون، أوجعتها جنباتها من القلق ،
ألم تكن كافية كمية السم التي وضعتها ؟؟!! أم أن أجسامهم قوية ؟؟!!
أن أن القدر يلاعبها ؟؟!! و تعالت ضحكاتهم ، و ازدادت لعناتها عليهم ،
و جلست تنتظر و كأنها على كومة من الدبابيس .
و استمرت في الانتظار ، و الانتظار محنة ، و في الانتظار تتمزق أعضاء الأنفس ،
وفي الانتظار يموت الزمن و هو يعي موته ،
و المستقبل يرتكز على مقدمات واضحة و لكنه يحتمل نهايات متناقضة ،
فيرتوي كل ملهوف من قدح القلق ما شاء وما طاب .
و أخيرا ... أطل الشيطان بوجهه المشوه من أحد أبواب جهنم يبشرها خيرا ،
رأت تقلص الوجوه و تشنج الأجساد ، كلها مع بعضها بعضا ،
سمعت الحشرجة و الهمهمة ، خرجت بسرعة و أغلقت الباب بالمفتاح خوفا من انتقام أحدهم ، ما هي الا دقائق حتى خمدت الأنفس ،
و صعدت الأرواح و تجمعت في الأفق ، و تقرر المصير .
خطت فوق الأجساد و هتفت بالموت ليأتي و يرى مقدار نفسه ،
فهي التي قررت و هي التي أعطت ، فلن يأخذ منها الا باذنها ،
و ابتسمت لانتصارها عليه .
و بلحظات انغرس الصمت في نفسها ، و احترق الجو بأنفاس حارة ،
منطلقة بغرائز بدائية و وحشية ، و بعدة ساعات نسلت من غفلة الشيطان ،
قامت نور بدفن أهلها ، ووضعت على قبورهم الشواهد و قرأت لهم الفاتحة ،
و ذهبت لتغتسل و تزيح عن كاهلها ثمانية عوائق تعرقل خطتها في البقاء ،
و آن لهم الأوان أن يغوصوا بالأرض و يرحبوا بالعدم.
و مضى سحر العادة و التعود القاسي يفعل فعله ،
و نسيت نور أهلها و زوجها ، ولكن موت عمار كارثة يتجدد وقوعها في قلبها كل صباح.
فهي كزجاج مطحون ، لا يُهضم و لا خلاص منه ، يؤلم في كل نفس و كل حركة.
هي من سلالة عالم الشياطين ،ضمير فاسد ، أنفاس متعفنة ، و قلب متقيح ،
كانت أذكى من تعلم على يد الشيطان ، فتشربت من أمور الفسق و الدمار ما يكفيها .
كانت الفتاة الأولى بعد خمسة ذكور لأبوين صالحين ، فبحضورها زاد البيت وهجا ،
و من بين السبعة أقمار ظهرت الشمس التي طالما تمنوها أن تشرق على حالك أيامهم فأسموها نورا،
و كانت بالفعل نورا على جمال وجهها، فدأب الأب و الأم و الأخوان الخمسة على تدليلها و غرس أسمى آيات الحب و الاخلاص و الايمان في نفسها ،
فكانت كالأرض البور تستقبل البذر و تذر الرمال في أعين الغارسين ،
و لكن كل ذلك مشفوع لها لاعتقادهم بأنها ما زالت صغيرة ،
و ستبقى صغيرة أبد الدهر ، لكن الفتاة كبرت و نضجت و أصبحت مبتغى من يراها من الشباب فتقدموا لها حتى وقع اختيارها على أصحاب الجاه و النسب الرفيع ،
فعقد قرانها على ابن المختار ، الفتى عبد الله ،
المالك لمساحات واسعة من الأراضي و العقارات ،
و استمرت الشيطانة في غيها على ظهور من حولها ، و الزلل لها مغفور .
و مرت الأيام و امتلأ بطنها ، ووضعت التوأم عمر و عامر ، سبحان الله فيما خلق ،
انتشت بهما حتى أن أخلاقها كانت تسمو أكثر ،
و لكن من قال أن السعادة تزهر دون أشواك تؤلم .....فرُفع انذار الحرب ،
و أُعلن الحصار على الغذاء ، و شح الطعام حتى أبح لا يملأ نصف المعدة ،
فهزلت الأجساد و شحبت الوجوه ، و تزاحمت الأرواح على أبواب السماء ،
و لكن السيدة نور ما زالت مزدهرة و هي ترى روحها و قلبها يكبران أمام ناظريها.
و لولا أن دوام الحال من المحال ، لما تعاقبت الفصول ،
و كما يقع الشلل و تحدث الفضيحة ، انقض الموت على عمار و ما تركه الا و هو قطعة لحم لا حياة فيها ،
عيون مسبلة و أعضاء مسترخية ، لم تصدق نور ، لم تحاول أن تصدق ،
ثارت بها كل النوازع الشريرة ، في كل زفير ألقت حمم ،
و في كل شهيق امتلأت بالرماد .
غضبت بجنون ، كيف يجرؤ الموت ، كيف غافلها ، كيف مر عليها دون أن تراه ،
وما بال أهلها واجمين يكسوهم الحزن ،
ما بالهم يسلمون للموت ويقدسونه حتى أصبح حقيقة خالدة ،
فالموت من صنع عجزهم ، و البقاء من صنع من هم مثلها ،
ستقف في وجه الموت و تتحداه ، فهو من الآن عدوها اللدود ،
و ستقف له كالند للند .
و هكذا وصلت نور لما كان ينقصها ليكتمل شيطانها و هو الالحاد ،
فقد كفرت بالله ، و بارادته ، و برحمته ،
و سعت لتحقيق البقاء لها و لشقها الثاني عمر ،
فكان لزاما عليها توفير الزاد لها و له ، و هذا أول بند من بنود البقاء .
و لكن ما المانع ؟؟؟ المانع واضح يكمن في ثمانية أفواه و ثمانية أجساد تشارك في اكسير البقاء ،
فما كان منها الا اغلاق أفواههم و دحر الروح من الأجساد،
و امتلأت جوانحها بهذه الفكرة الجهنمية حتى كادت أن تنفجر منها جوانبها ،
و مضت تصنع خطواتها و ترتب أفكارها يساعدها الشيطان و يباركها عزرائيل ،
حتى حانت لحظة الصفر .
صنعت لهم العشاء ، و بابتسامة بوهيمية قالت :-
تفضلوا بالهناء و الشفاء .
ثم أمسكت بعمر لترضعه ، فحليبها غير مسموم ،
تناولوا العشاء و جلسوا يتسامرون، أوجعتها جنباتها من القلق ،
ألم تكن كافية كمية السم التي وضعتها ؟؟!! أم أن أجسامهم قوية ؟؟!!
أن أن القدر يلاعبها ؟؟!! و تعالت ضحكاتهم ، و ازدادت لعناتها عليهم ،
و جلست تنتظر و كأنها على كومة من الدبابيس .
و استمرت في الانتظار ، و الانتظار محنة ، و في الانتظار تتمزق أعضاء الأنفس ،
وفي الانتظار يموت الزمن و هو يعي موته ،
و المستقبل يرتكز على مقدمات واضحة و لكنه يحتمل نهايات متناقضة ،
فيرتوي كل ملهوف من قدح القلق ما شاء وما طاب .
و أخيرا ... أطل الشيطان بوجهه المشوه من أحد أبواب جهنم يبشرها خيرا ،
رأت تقلص الوجوه و تشنج الأجساد ، كلها مع بعضها بعضا ،
سمعت الحشرجة و الهمهمة ، خرجت بسرعة و أغلقت الباب بالمفتاح خوفا من انتقام أحدهم ، ما هي الا دقائق حتى خمدت الأنفس ،
و صعدت الأرواح و تجمعت في الأفق ، و تقرر المصير .
خطت فوق الأجساد و هتفت بالموت ليأتي و يرى مقدار نفسه ،
فهي التي قررت و هي التي أعطت ، فلن يأخذ منها الا باذنها ،
و ابتسمت لانتصارها عليه .
و بلحظات انغرس الصمت في نفسها ، و احترق الجو بأنفاس حارة ،
منطلقة بغرائز بدائية و وحشية ، و بعدة ساعات نسلت من غفلة الشيطان ،
قامت نور بدفن أهلها ، ووضعت على قبورهم الشواهد و قرأت لهم الفاتحة ،
و ذهبت لتغتسل و تزيح عن كاهلها ثمانية عوائق تعرقل خطتها في البقاء ،
و آن لهم الأوان أن يغوصوا بالأرض و يرحبوا بالعدم.
و مضى سحر العادة و التعود القاسي يفعل فعله ،
و نسيت نور أهلها و زوجها ، ولكن موت عمار كارثة يتجدد وقوعها في قلبها كل صباح.